ما ســــــــــــــــــر تقديم السمع على البصر...في القرآن الكـريم ؟؟؟النصوص القرآنية تفرق بين السمع والبصر من ناحية ، والعين والأذن من ناحية أخرى ، فما سر هذه الظاهرة ؟
فعندما تذكر الآيات القرآنية السمع والبصر ، والعين والأذن نلاحظ ما يلي :
1- يأتي السمع والبصر في معان حول الفكر والفهم والتدبر ، بينما تأتي العين والأذن مراداً بها الأعضاء الناقلة للمؤثرات الحسية .
2- وعندما يأتي السمع مع البصر في آية واحدة فإن السمع يتقدم البصر في معظم القرآن الكريم .
وعندما تأتي العين مع الأذن في آية واحدة فإن العين تتقدم الأذن في معظم القران الكريم
.
وسنبدأ ـ بإذن الله ـ في تفصيل ما أوجزناه :
أولاً ـ المعاني التي جاء فيها السمع والبصر والعين والأذن :
المتابع لهذه القضية يلاحظ أن هناك فصلاً بين أعضاء الحس ( العين والأذن ) وقوة الإدراك
( السمع والبصر) .
فالآيات التي ذكرت فيها الأعضاء ذكرت معها تعبيرات تناسبها ومن جنسها دون ذكر وظائفها
( السمعية و البصرية ) .
وهذه أمثلة لذلك :-
( العين ) قال تعالى :-
} وَابْيَضّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْن { [ يوسف:84 ]
( الأذن ) قال تعالى :-
} كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً {[ لقمان :7]
والآيات التي ذكر فيها المصدر أو القوة المدركة ( السمع والبصر ) فبها معنى الإدراك والتفهم والتدبر أي : ذكر فيها معنى العقل .
مثال ذلك قال تعالى :-
} إِنّ َالسَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُـؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَان َعَنْهُ مَسْئولاً { [ الإسراء: 36]
وهناك آيات جمعت بين الأعضاء والوظيفة :
مثال ذلك قال تعالى :-
}وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَ لَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا { [ الأعراف :179]
وهذا ولم ترد صيغة اسم الفاعل مع العضو ، وهذا دليل على أن العضو ما هو إلا أداة لنقل المؤثرات السمعية أو البصرية إلى حيث يتم إدراكها في مراكز الإدراك الخاصة .
نلخص من هذا العرض ما يلي :
إن العين والأذن ماهي إلا أعضاء ، أما السمع والبصر فهما يشيران إلى قيمة عقلية ، أو قوى إدراكية عاقلة ، وقد جاءا بصيغة المصدر ( السمع ، والبصر ) .
ثانياً ـ تقديم السمع على البصر في غالب القرآن الكريم ، والعكس تقديم العين والأذن في غالب آيات الذكر الحكيم .
وهذه أمثلة لذلك :-
تقيم السمع على البصر :
} وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الأَبْصَارَ وَ الأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تًَشْكُرُونَ { [ المؤمنون:78]
تقديم العين وتأخير الأذن :
} وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنَ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ { [ المائدة :45]
وهناك من يرى أن سر تقديم السمع على البصر هو شرف السمع ، وذلك يقتضي أن تتقدم الأذن وتتأخر العين ولكن حدث العكس بأن قدمت العين وأخرت الأذن .
بعد هذا البسط لما أوجزنا عن ظاهرة الفرق في الوظيفة والترتيب بين أعضاء الحس(العين ـ والأذن ) وبين مصادر الإدراك ( السمع والبصر ) نأتي للإجابة على السؤال : ما سر ذلك ؟
قبل الإجابة : يجب علينا استعراض الحقائق العلمية اليقينية التي توصل إليها العلماء حديثاَ بخصوص عملية السمع والبصر وهي :
إن العين والأذن ما هي إلا مستقبلات تستقبل موجات الضوء والصوت لترسلها عبر الأعصاب إلى مراكز السمع والبصر داخل المخ البشري ، وفي هذه المراكز يتم إدراكها وفهمها. ولقد وجد العلماء أن مركز السمع يقع في الفص الصدغي للمخ ، بينما يقع مركز الأبصار في الفص المؤخر في آخر المخ ، أي أن مراكز السمع تتقدم على مراكز الإبصار بعكس الأعضاء حيث تتقدم العين على الأذن في صنعة الله الظاهر .
وجهــه الأعجــاز
بعد هذا العرض العلمي الموجز نستطيع القول : إن الإعجاز قد تحقق بكل المقاييس .
فالآيات فصلت بين الأعضاء ( العين والأذن ) ، وبين القوى المدركة ( السمع والبصر ) ، وفي صنعة الله سبحانه وتعالى ما يطابق ذلك فهناك أعضاء حس لاستقبال المؤثرات الحسية ، وهناك مراكز داخل المخ البشري تتم فيها عملية الإدراك والفهم لهذه المؤثرات الحسية .
وأيضاَ من ناحية الترتيب نجد أن الحق سبحانه رتب في الآيات : العين قبل الأذن ، والسمع قبل البصر، في غالب القرآن ، وهاهو العلم اليقيني قد أثبت أنه بينما تتقدم العين الأذن في رأس الإنسان نجد عكس الترتيب بالنسبة للمراكز ، فمركز السمع يتقدم مركز الإبصار في قشرة المخ البشري .
إذن طابق كلام الله صنعة الله تعالى . أنه الإعجاز .
قال تعالى } كِتَاب ٌأُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ { [ هود:1] .
المرجع الإعجاز العلمي في آيات السمع والبصر في القرآن الكريم
دـ حسين رضوان اللبيدي
الرجوع الي
الدليل والبرهان - دلائل نبوة محمد..