إن التعلم والتعليم قوام هذا الدين، ولا بقاء لجوهره، ولا ازدهار لمستقبله إلا بهما، والناس أحد رجلين: متعلم يطلب النجاة، وعالم يطلب المزيد، ولا خير فيما سواهما، كن عالماً، أو متعلماً، أو مستمعاً، أو محباً، ولا تكون الخامس فتهلك.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( العالم والمتعلم شريكان في الخير، ولا خير في سائر الناس ))
[ابن ماجه عن أبي أمامة]
السبب أنك في الحياة الدنيا جاء الله بك إليها من أجل أن تعرفه، لذلك العلم، وطلب العلم، ومعرفة خالق السماوات والأرض، ومعرفة أنبيائه، ومرسليه، ومعرفة منهجه القويم، هو علة وجودك في الدنيا، عفواً طالب في الجامعة، الجامعة فيها مطعم، فيها مجلات، فيها مكتبة، فيها صحف، لكن سبب وجوده في الجامعة الدراسة، علة وجوده الأولى الدراسة، فإذا ذهب إلى الجامعة ولم يحضر المحاضرة، ولم يتابع المقررات، ولم يقرأ، ودخل إلى النادي الرياضي، ثم دخل إلى المطعم، ونسي علة وجوده فهذا طالب ابتعد بعداً كبيراً عن الهدف الذي جاء به للجامعة.
نحن في هذه الدنيا علة وجودنا الأولى أن نعرف الله، والعلة الثانية أن نتقرب إليه بعمل صالح يكون ثمناً للجنة، من هنا النبي عليه الصلاة والسلام قال:
(( العالم والمتعلم شريكان في الخير، ولا خير في سائر الناس ))
لا أتصور إنساناً يأكل، ويشرب، ويسهر، ويتابع الأخبار، ويلتقي مع أصدقائه، ويقيم الولائم، والنزهات، ولا يخطر في باله أن يسأل هذا السؤال الكبير لماذا أنا في الدنيا؟
لا يمكن أن تصح حركتك إلا إذا عرفت سرّ وجودك.
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
طلب العلم فريضة على كل مسلم، لذلك الآن تعلُّم العلوم المادية يحقق عمارَة الأرض، تفوق الغرب بالعلوم المادية فملكوا الأرض كلها، بعد أن ملكوا الأرض كلها بتفوقهم بالعلوم فرضوا على الشعوب ثقافتهم، فرضوا عليها انحرافاتهم، فرضوا عليها إباحيتهم، هناك شيء اسم غزو ثقافي، وهو أخطر مليون مرة من الغزو العسكري.
﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾
القوة في هذا العصر في العلم، بل إن الحرب الحديثة ليست حرباً بين ساعدين، و لاحرباً بين سيفين، ولا حرباً بين سلاحين، و لكن الحرب الحديثة حرب بين عقلين، فالدولة المتفوقة بالعلم تهيمن على بقية الدول.
أيها الأخوة، وبالتحرر من الجهل والوهم، واعتماد النظرة العلمية، واتباع الطريقة الموضوعية، نستطيع أن نسقط كل الدعاوى الباطلة المزيفة التي يطرحها أعداؤنا أعداء الدين للنيل من إمكاناتنا، وطموحاتنا، فباعتماد النظرة العلمية تصح رؤيتنا، وبإيماننا بالله، وباستقامتنا على أمره الذي نستمد منه قوتنا، قال تعالى:
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾
[ سورة آل عمران: 160]
أي جاء بكم إلى الدنيا من أجل أن تعْمروها، وتعلم العلوم المادية،والتفوق فيها قوة، يجب أن تكون في أيدي المسلمين، ليجابهوا أعداءهم، أعداء الحق، أعداء الخير، أعداء السلام، تحقيقاً لقوله تعالى:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾