كلام في غاية الروعة... ابن القيم يبين منهج اهل السنة ... يا ليت قومي يعلمون...
مقتطفات من زاد المعاد:
فأهل الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها
وهم أسعد بالحديث من الطائفتين فإنهم يقنتون حيث قنت رسول الله صلى الله عليه و سلم
ويتركونه حيث تركه فيقتدون به في فعله وتركه ويقولون : فعله سنة وتركه سنة
ومع هذا فلا ينكرون على من داوم عليه ولا يكرهون فعله ولا يرونه بدعة ولا فاعله مخالفا للسنة
كما لا ينكرون على من أنكره عند النوازل ولا يرون تركه بدعة ولا تاركه مخالفا للسنة
بل من قنت فقد أحسن ومن تركه فقد أحسن وركن الاعتدال محل الدعاء والثناء
وقد جمعهما النبي صلى الله عليه و سلم فيه ودعاء القنوت دعاء وثناء
فهو أولى بهذا المحل وإذا جهر به الإمام أحيانا ليعلم المأمومين
فلا بأس بذلك فقد جهر عمر بالاستفتاح ليعلم المأمومين وجهر ابن عباس بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة
ليعلمهم أنها سنة ومن هذا أيضا جهر الإمام بالتأمين وهذا من الاختلاف المباح الذي لا يعنف فيه من فعله
ولا من تركه وهذا كرفع اليدين في الصلاة وتركه
وكالخلاف في أنواع التشهدات وأنواع الأذان والإقامة وأنواع النسك من الإفراد والقران والتمتع
وليس مقصودنا إلا ذكر هديه صلى الله عليه و سلم الذي كان يفعله
هو فإنه قبلة القصد وإليه التوجه في هذا الكتاب
وعليه مدار التفتيش والطلب وهذا شئ والجائز الذي لا ينكر فعله وتركه شئ
فنحن لم نتعرض في هذا الكتاب لما يجوز ولما لا يجوز وإنما مقصودنا فيه هدي النبي صلى الله عليه و سلم
الذي كان يختاره لنفسه فإنه أكمل الهدي وأفضله
رحمه الله هذا الامام.