على حساب الوقت
[...قلت في نفسي: إذا كان من الممكن جدا أن يكتب بابلو نيرودا عن تيهرت، فلماذا لا أكتب أنا عن سان تياقو...]
-1
يَدْخُلُ الغَارِقُ فِي أَحْزَانِهِ
مُلْتَحِفاً بِالنَّارِ
لِلشَّارِعِ
مَحْمُوماً بِدَاءٍ لَمْ تُفَتِّشهُ خُطَى النِّيرَانِ،
لَمْ تَقْرَأْهُ خُوذَاتٌ تَدُكُّ التُّرْبَةَ العَمْيَاءَ،
لَمْ يَعْرِفْهُ لَيْلُ العَاشِقِ الوَهْمِيِّ
كَانَتْ سَانْ تِيَاقُو سَاعَةً تَبْكِي مَدَاهَا الحَجَرِيْ..
-2
سَاعَةٌ لَيْلِيَّةٌ تَكْفِي
لِكَيْ تَنْـأَى جِرَاحِي
كَيْ أَقُولَ:
الآنَ عَادَ النَّهْرُ
أَوْ كَيْ يَكْبُرَ الصِّبْيَةُ فِي عَينَيْ..
سَانْ تِيَاقُو..
لَيْلَةٌ أُولَى
وَ بَحْرٌ لَمْ يُعَانِقْهُ صِبَاهْ..
فَرْحَةٌ مَاتَتْ عَلَى صَدْرِ فَتَاةٍ
وَ صَبِيٌّ عَاشَ عِشْرِينَ دَقِيقَهْ..
-3
مَا الذِي يَجْعَلُ هَذَا العَاشِقَ اللَّيْلِيَّ
مَبْتُورَ الخُطَى
يَزْحَفُ مِنْ مَقْبَرَةِ الصَّمْتِ
إلَى النَّارِ التِي تَحْمِي خُطَاهْ..
سَانْ تِيَاقُو...
شَارَةُ النَّصْرِ التِي تَسْكُنُ عُرْيِي..
دَمْعَةٌ لِلصَّمْتِ..
أَوْ لِلْمَغْفِرَهْ..
عَاشِقٌ يَبْحَثُ عَنْ عَاشِقَةٍ
فِي آخِرِ الشَّارِعِ..
مَاءٌ لِلْفُطَامِ المُرِّ
لِلْمَنْفَى..
رَحِيلٌ لِلْمَدَى
وَ الذَّاكِرَهْ...
-4
سَانْ تِيَاقُو...
وَرْدَةٌ تَحْكِي عَنِ المَاءِ
وَ عَمَّا خَبَّأَتْهُ التُّرْبَةُ الحَمْرَاءُ
فِي صَمْتِ البُيُوتْ..
تَسْأَلُ العَاشِقَ
عَنْ جَارَتِهَا
ثُمَّ تَمُوتْ...
-5
يَدْخُلُ الغَارِقُ فِي أَحْزَانِهِ
مُلْتَحِفاً بالنَّارِ
لِلشَّارِعِ..
كَانَتْ سَانْ تِيَاقُو
وَرْدَةً تَحْكِي مَدَاهَا
تَقْرَأُ المَنْفَى
وَ سِفْرَ المَطَر الطَّامِي،
وَ كَيْفَ اخْتَارَتِ الرِّيحُ لَهَا الأَلْوَانَ،
كَيْفَ انْكَسَرَتْ فِي أَوَّلِ العُمْرِ،
وَ خَانَتْ حَرَسِ الظِّلِّ الذِي يَقْفُو خُطَاهَا
وَصَلَتْ سِرَّا مَعَ الأَطْفَالِ
لِلْبَابِ الذِي يُفْضِي إلَى بَابِ المَدِينَهْ..
-6
سَانْ تِيَاقُو
كَانَتِ القِبْلَةَ..
وَ المَنْفَى..
وَ مِيلاَدَ الضَّجَرْ..
نُقْطَةَ السَّطْرِ التِي تَبْدَأُ مِنْ ذَاكِرَةِ الشِّعْرِ
رُعَافَ الشُّعَرَاءِ المُتْعَبِينْ..
جُمْلَةً مَمْنُوعَةَ الإِعْرَابِ
وَ النُّطْقِ
وَ مَوْتَ الكَلِمَهْ..
-7
سَانْ تِيَاقُو..
وَرْدَةُ النَّارِ التِي تَأْكُلُ مِنْ أَحْزَانِهَا الحَيْرى
غِذَاءُ العَسْكَرِ الآتِي مِنَ البَحْرِ الجَمِيلْ..
جَسَدٌ يَنْمُو كَأَشْجَارِ النَّخِيلْ..
وَ غَداً يَأْخُذُ شَكْلَ الطِّفْلِ
وَ المِرْآةْ..
- 8
يَدْخُلُ الغَارِقُ فِي أَحْزَانِهِ
مُلْتَحِفاً بِالنَّارِ
لِلشَّارِعِ..
كَانَ اللَّيْلُ شِبْهَ امْرأَةٍ
أَيْقَظَتِ العُشَّاقَ مِنْ صَمْتِ خُطَاهاَ
زَرَعَتْ مِلْحاً
وَ أَوْرَاداً
و قُوتاً لتَسَابِيحِ القُرَى...
وَ أَنَا..
أَرْكُضُ فِي الشَّارِعِ
مَفْتُوناً بِوَقْتٍ
لاَ يَرَى....