وقفات مع الاختلاط
حسين ين سعيد الحسنية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد،،،
إن دين الإسلام دينُ كمال وشمول ، ودين شرف وعزة ، كفل جميع الحقوق ، واهتم بقضايا المكلفين ، واعتنى بكل شاردةٍ وواردة للفرد المسلم ، وسعى إلى أن يكون من ضمن مبادئه حفظ الأعراض ، وسلامة النسل ، واستقرار الأسرة المسلمة ، وحذر من التخبط والتجاوز بين الناس فيما يتعلق بالفروج ، وشدّد على من اعتدى على عرض مسلم أو مسلمة بقول أو فعل ، وكان منه ذلك كله لعظم التبعات حينما يتعدى على الأعراض ، ولجسامة الآثار المترتبة على ذلك الاعتداء ، ولأن الفرد المسلم وهو يحمي نفسه وغيره من الاعتداء على الأعراض يصنع بذلك مؤمناً صالحاً في نفسه مصلحاً لغيره ، أسوق هذه المقدمة وأنا وإياكم نعجب من أولئك الذين يدعون إلى اختلاط الرجال بالنساء، غير آبهين بمصادر التشريع ، ولا ناظرين إلى الأوامر التي أمر بها ولاة الأمر فيما يتعلق بالاختلاط ، وهم بدعوتهم تلك ينفذون مخططات أعداء هذه البلاد والذين لا هم لهم سوى تفريق الكلمة ، وإشاعة الفوضى ، وتذويب المعتقد الصافي في قلوب الناس وإليك فيما يتعلق بالاختلاط هذه الوقفات :-
أولاً : أن يعلم الجميع بأن اختلاط الرجال بالنساء أمرٌ لا يجوز شرعاً بدلالة الكتاب والسنة فمن الكتاب يقول الله تعالى :" وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى"
فقد أمر الله جل وعلا المؤمنات بالقرار في البيوت لئلا يختلطن بالرجال ، قال الجصاص في أحكام القرآن : قوله تعالى :"ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" قال مجاهد كانت المرأة تتمشى بين أيدي القوم فذلك التبرج " فهذه الأمور كلها مما أدب الله تعالى به نساء النبي صلى الله عليه وسلم صيانة لهن وسائر نساء المؤمنين مُرادات بذلك .
وقال ابن كثير في تفسيره :" وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ" أي الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة..."
وقال الشيخ : عبد العزيز بن باز رحمه الله في كتابه التبرج وخطره "أمر الله سبحانه المرأة بقرارها في بيتها" ، ونهيُها عن التبرج معناه : النهي عن الاختلاط ، وهو اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بحكم العمل أو البيع أو الشراء أو النزهة أو نحو ذلك .
ودل على عدم جواز الاختلاط من كتاب الله تعالى أيضاً قول الله عز وجل :" وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ..." قال أهل العلم والمقصود بالحجاب هنا حجب شخصها فلا يكون هناك اختلاط ، بل يكون من وراء حاجزٍ أو مانع ، فإن احتاجت لبروز حجبت بدنها كله باللباس ، وعلل سبحانه هذا الأمر بأنه أطهر لقلوبكم وقلوبهن , وقال ابن العربي والقرطبي وغيرهم رحم الله الجميع في قوله تعالى :" وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ " أنها قد تضمنت خطر رؤية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبيّن أن ذلك أطهر لقلوبهم وقلوبهن لأن نظر بعضهم إلى بعض ربما حدث عنه الميل والشهوة فقطع الله ذلك بالحجاب الذي أوجبه هذا السبب ، وهذا الحكم وإن نزل خاصاً في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه فالمعنى عام فيه وفي غيره إذ كنا مأمورين بإتباعه والاقتداء به إلا ما خصه الله به دون أمته".
أما ما جاء في هذا الشأن من السنة فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد ((ما تركت فتنة أضر على الرجال من النساء)) فالاختلاط فتنة وإذا حصلْ وُلد من رحم تلك الفتنة فتناً أعظم وأنكى ،
وقال عليه الصلاة والسلام :"إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في عقر بيتها" أخرجه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم , وقال عليه الصلاة والسلام ((اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
هذا حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في الاختلاط وعلى من عرف أن يلزم، وليحذر من الزيغ والضلال وإتباع الفتن ودواعيها.
ثانياً :
أن يعلم الجميع أيضاً بأن الاختلاط من الممارسات الممنوعة في هذا البلد المبارك ، فمنذ تأسيس كيان هذه المملكة حفظها الله بطاعته ، وولاة أمرها يولون أمر العناية بالناس أشد الاهتمام ، ويدركون خطر تلك الفتن التي تغشى الناس بين الفينة والأخرى ومن تلك الفتن فتنة الاختلاط واسمع للملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة وهو يقول في شأن الاختلاط :