الجاحـــدة
وكَمْ في العشقِ أشباحا ضَحاياها! ... وكمْ في القلبِ تَجرحُهُ شَظاياها!
وتلكَ الريمُ للآسادِ صائدةٌ، صَرِيعِي اليأسِ ما ذاقوا مَـزاياها
لها عينانِ فاتنتانِ، كاذبةٌ، سِهامُ اللحظِ مُرسِلَةٌ مَناياها
رجاها القلبُ شهدَ الوصلِ في شَغَفٍ، وسِرُّ الشوقِ تَكتمُهُ حَناياها
صديقُ النجمِ والأحلامُ تُسْـكِرُه، وحُسنُ الكونِ قد أمسَى مَراياها
إذا ما مازَجَتْ عينيهِ رَوعتُها، يَمامُ النبضِ تَقنِصُهُ سَباياها
ويَهذِي الثَّغرُ بالأشعارِ مُنتَـشِيا، كأنَّ الرَّوحَ قدْ كشفَتْ خَباياها
أما عَلِمَتْ بأنَّ القلبَ مُرتجفٌ.. وآهُ الوجْـدِ والأشواقُ جاياها؟
فَوَا أسَـفًا على مَنْ عذَّبتْ لَهَفًا بِبسْمتِها، ودمّي مِنْ خَطاياها
مَليكةُ قلبِ هذا الصَّبِّ تَهجرُهُ، فمَنْ يُؤويهِ إنْ نبذَتْ رَعاياها؟
وقفْتُ بباب خافِقِها أُناشِدُه، وأُنشِدُه: أما لي من عَطاياها؟
مُجوّعتي وَذِي الوَجْـناتُ جَنّـتُها، مُعطّشتي وفي شَفَةٍ رَواياها
مُضيّعتي وغَوثُ اللَّهْفِ كِلْمَـتُها، أَهَبتُ بها، وما بَعثَتْ سَراياها!
ولو أقسمْتُ بالأسحارِ أهجرُها، تُذيقُ القلبَ شِعرًا من صَـفاياها
تُمنّيني سَرابًا لستُ أبلغُهُ، فلا منعَتْ ولا منحَتْ هداياها!
خَـئُونُ القلبِ، بالعشاقِ ماكرةٌ، كأنَّ الكيدَ يَسْرِي في خلاياها!
بَعثتُ لها أعاتبُها، لِتَنْهرَني: "وما أغراكَ منّي بالهَوَى يا ها؟!"
فَهِمْتُ ـ وكانَ ذا متأخرًا عَبَـثًا ـ نِصالُ الغدرِ أصلٌ مِنْ سَجاياها!
فَهِمْتُ على دُروبِ الحزنِ مُنتَحِبًا، وما يُغنِي عن الثَّكلَى نَعاياها؟!
فيا نَجمًا، ويا بدرًا بَكَى حَزَني، دَعَا عُمرًا رماني من بَلاياها
لقد أخلصتُ في حُـبِّي لجاحدةٍ، فَأَسْـقَتْـني لَظاها في عَشاياها
وَعَيْـتُ الدرسَ: فالحيّاتُ ناعمةٌ، ويُخفِى الحُسنُ سُمَّا في حَشاياها
وأشكرُها على جُرحٍ يُحنِّكُني، وأذكرُ دائمًا أبدًا وصاياها!
وأُعلِمُها بأنّي لنْ أظلَّ لها أسيرَ اليأسِ تُنكِرُني زواياها
ولن أبقَى إلى الآبادِ شاعِرَها، ولن تَرقَى ونَجْماتي مَطاياها
فأحزاني رمادٌ من مَحبتِّها، وهذا الشِّعرُ جمرٌ من بقاياها
سأمحوها كما بالوهمِ أَرسُمُها، وأسحقُ بينَ أشيائي أشاياها